سورة الأنعام - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


بدأ الله- سبحانه- بالثناء على نفسه، فحمد نفسه بثنائه الأزليّ وأخبر عن سنائه الصمدي، وعلائه الأحدي فقال: {الحمد لله}.
وقوله عز وجل: {الَّذِى خَلَقَ السَّمَواتِ وَالأَرْضَ}: فالذي إشارة و{خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} عبارة. استقلت الأسرارُ بسماع {الذي} لتحققها بوجوده، ودوامها لشهوده، واحتاجت القلوب عند سماع {الذي} إلى سماع الصلة لأن {الذي} من الأسماء الموصولة بكوْنِ القلوب تحت ستر الغيب فقال: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}.
قوله جلّ ذكره: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}.
خَلَقَ ظلمةَ الليل وضياءَ النهار، ووحشةَ الكفر والشِرْك، ونور العرفان والاستبصار.
ويقال جَعَلَ الظلماتِ نصيبَ قوم لا لجُرْمٍ سَلَفَ، والنورَ نصيبَ قومٍ لا لاستحقاقٍ سبق، ولكنه حُكْمٌ به جرى قضاؤه.
ويقال جعل ظلماتِ العصيان محنةَ قومٍ، ونور العرفان نزهةَ قوم.


أثبت الأصل من الطين وأدعها عجائب (السير) وأظهر عليها ما لم يظهر على مخلوق، فالعِبْرَةُ بالوَصْلِ لا بالأصل؛ فالوَصْلُ قُرْبَةٌ وَالأصل تُرْبةٌ، الأصل من حيث النَّطفة والقطرة، والوصل من حيث القربة والنَّصرة.
قوله: {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ}: جعل للامتحان أجلاً، ثم جعل للامتنان أجلاً، فَأَجَلُ الامتحان في الدنيا، وأَجَلُ الامتنان في العُقْبى.
ويقال ضَرَبَ للطلب أجلاً وهو وقت المهلة، ثم عقبه بأجل بعده وهو وقت الوصلة؛ فالمهلة لها مدًى ومنتهى، والوصلة بلا مدًى ولا منتهى؛ فوقتُ الوجودِ له ابتداء وهو حين تطلع شموس التوحيد ثم يتسرمد فلا غروب لها بعد الطلوع.


وهو الذي هو معبودُ مَنْ في السماء، مقصود مَنْ في الأرض، وهو الموجود قبل كل سماءٍ وفضاء، وظلام وضياء، وشمس وقمر، وعين وأثر، وغيْر وغَبَر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8